سورة آل عمران - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{الم (1) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}
{الم (1) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [1- 2] قال: هو اسم اللّه الأعظم مكتوب على السماء بالنور الأخضر من المشرق إلى المغرب. قوله:


{مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (4)}
{وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ} [4] يعني القرآن فيه المخرج من الشبهة والضلالة.


{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (7) رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)}
قوله: {فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ} [7] يعني الكفر. {وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ} [7] يعني تفسيره على ما يوافق هوى نفوسهم. {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [7] قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: أنزل القرآن على أربعة أحرف، حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسيره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلّا اللّه تعالى، فمن ادعى علمه سوى اللّه عزّ وجلّ فهو كاذب.
قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [7] قال: حكي عن علي رضي اللّه عنه: هم الذين حجبهم العلم عن الاقتحام بالهوى والحجج المضروبة، دون الغيوب لما هداهم اللّه وأشرفهم على أسراره المغيبة في خزائن العلوم فقالوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا} [7] فشكر اللّه تعالى لهم وجعلهم أهل الرسوخ والمبالغة في العلم زيادة منه لهم، كما قال اللّه تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] قال سهل: استثنى اللّه تبارك وتعالى الراسخين في العلم بقولهم: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا} [7] يعني الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، وهم الكاشفون عن العلوم الثلاثة إذ العلماء ثلاثة: الربانيون والنورانيون والذاتيون، وبعد العلوم الأربعة: الوحي والتجلي والعندي واللدني، كما قال تعالى: {آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} [الكهف: 65]، {وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ} [البقرة: 269] أي وما يتذكر إلّا أولو الفهم والعقول الذين يقولون: {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا} [8] أي لا تمل قلوبنا عن الإيمان بعد إذ هديتنا بهداية منك، {وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [8] لمن رجع إليك بالافتقار والتضرع والمسكنة. ثم قال سهل: ليس للعبد حيلة سوى أن يواظب في جميع عمره على قول: «رب سلم سلم، الأمان الأمان، الغوث الغوث».
قال اللّه تعالى: {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] يعني ينبغي للموحد أن يعلم يقينا أنه ليس كل من أحب الحق أحبه، لأن إبليس قابله بعلاء الحب فقال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} [الإسراء: 61] وأنت اللّه لا يجوز أن يعبد غيرك، حتى لعنه. فليس كل من تقرب إليه قبله وليس كل من أطاعه قبل طاعته، إنه بصير بما في الضمير، فلا يأمن أحد أن يفعل به كما فعل بإبليس لعنه بأنوار عصمته، وهو عنده في حقائق لعنته، ستر عليه ما سبق منه إليه حتى عاقبه بإظهاره عليه، فليس للعبد إلّا استدامة الغوث بين يديه. وقد كان الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «يا ثابت المثبتين ثبتني بثباتك، يا ثابت الوحدانية لا إله إلّا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين». وكان يقول: «يا ولي الإسلام وأهله ثبتني بالإسلام حتى ألقاك به»، قال: وموضع الإيمان باللّه تعالى القلب، وموضع الإسلام الصدر، وفيه تقع الزيادة والنقصان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8